أخبار العالم / الدقهلية
في شوارع ريفية بسيطة، يتحرك الأطفال بانسيابية كاملة، يلعبون ويلهون طوال اليوم، لم يتخيلوا يوماً أن رحلة اللعب ستنتهي بجريمة قتل بشعة.
كعادته، استيقظ الطفل الصغير “عبد الرحمن”، مع نسمات الصباح الباكر، وتحرك من منزله للشارع، بحثاً عن رفاقه الصغار، وما أن تجمع الأطفال أمام المنزل، حتى بدأ الجميع رحلتهم في اللعب بالشارع مثل كل يوم.
أصوات الصغار أزعجت احدى السيدات، التي تمتلك محلاً للبقالة بـ”كفر مصلحة” التابع لمدينة شبين الكوم بمحافظة المنوفية، فقررت الانتقام منهم على طريقتها، جرت خلف الصغار، وأمسكت بالطفل “عبد الرحمن”، احتجزته بمنزلها وأوثقته بالحبال، وتعدت عليه بالضرب، في مشهد قاس، تسبب في ألم نفسي لرفاقه، الذين أسرعوا لمنزل والده، يطلبون العون، لإنقاذ رفيق دربهم.
تحرك الأب سريعاً برفقة ابنه الأكبر “أحمد” ذات السابعة عشر ربيعاً، هرول الاثنان لمنزل صاحبة محل البقالة، واحتدم الحديث بين الطرفين، وتطور الأمر لمشاجرة، تدخل الجيران لفضها.
“صراخ يهتك الصمت الذي خيم على المنطقة، وأسلحة بيضاء تتصدر المشهد، ودماء تلطخ الأرض، بعدما سقط “أحمد” غارقاً في دمائه، عقب تلقيه عدة طعنات نافذة من ابن صاحبة محل البقالة، حاول الأهالي إنقاذه، بالجري به نحو المستشفى لكن الموت كان أقرب.
تدخل رجال الأمن، ونجحوا في السيطرة على الموقف، وملاحقة القاتل والقبض عليه، وفرض كردون أمني بالمنطقة.
“مش قادر أنسى منظر ابني وهو سايح في دمه زي الفرخة المدبوحة”، هكذا وصف الأب المشهد، قائلاً: ” أنا رجل مسالم، عشت حياتي كلها في المنطقة بهدوء، لا أعرف المشاكل، ولا أميل إليها، كنت حريص على تربية أولادي بالحلال، ولم أدر أن الموت سيخطف ابني الأكبر”.
ويضيف الأب : “كنت رايح أخلص ابني من الست، مش رايح اتخانق مع حد، وابني الكبير أصر يجي معايا، وياريته ما جه، يا ريته ما راح”.
يبكي الأب، ويقول: ” شاهدت بعيني ابني بيموت أمامي، شاهدته وهو يسقط على الأرض غارقاً في دمائه، ويدي مغلولة لا أستطيع أفعل شيء، ليت الطعنات ضلت طريقها وأصابتني بدلاً من ابني وفلذة كبدي”.
تلتقط عمة القتيل أطراف الحديث من شقيقها، قائلة:” لا شيء يبرد نيران القلوب سوى إعدام القاتل، الذي حرمنا من “أحمد”، وأدخل الحزن لقلوبنا، فقد توقفت حياتنا تماماً بعد وفاته، وأصبح الحزن يملأ منزلنا، الذي طالما كان ملىء بالحب والسعادة”.
وبصوت ممزوج بالآسى، تقول: “لا شيء يستدعي موت ابن شقيقي بهذه الطريقة الوحشية، وبهذا الانتقام، فقد سدد له القاتل عدة طعنات نافذة، جعلت فرصته في البقاء على قيد الحياة ضعيفة، لقد كان نعم الابن، هادئاً مسالماً، حرمونا منه”.
وبدموع لا تتوقف، تقول شقيقة القتيل:” أنا الشقيقة الصغرى لـ”أحمد” كان السند والقدوة، وكل شيء بالنسبة لي، لا أصدق حتى الآن أنه رحل عنا ولن يعود مرة أخرى، انتظره كل ليلة في الشرفة، لعله يأتي، نعم أقف ساعات انتظره ربما يعود مرة أخرى، وفي النهاية أتقين أنني في كابوس حقيقي، فتنهال دموعي لتخفف من أحزاني”.